الأول: الصبر عند المصيبة.
الثاني: الصبر على الطاعة.
الثالث: الصبر على المعصية.
فإن كان من أجل إظهار الثبات أمام الناس حتّى يكون مَرْضيّاً عندهم، فذلك هو صبر العوامّ ولا أجر فيه؛ لأنّ المقصود فيه غير الله تعالى, وما ذلك إلّا لأنّهم (
يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الحيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ
).
وإن كان لأجل طلب ثواب الآخرة فهو صبر العبّاد الزهّاد, الذين وعد الله تعالى بإيفائهم أجورهم فقال: (
إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ
).
وإن كان ذلك ابتهاجاً منهم ورضىً بما أولاهم ربّهم، فإنّه صبر العارفين وإن كان في صورته الظاهرية أمراً مكروهاً.
إنّ صبر العارفين يأخذ طابع الحبّ والوله بما جاء به المحبوب, وأولئك الذين بشّرهم ربّهم بصلواتٍ ورحمة (
وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِن رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ
).
وأمّا الصبر على الطاعة وعن المعصية وعند المصيبة، فإنّه يختلف بحسب نوعهما, فنفس أداء الصلوات اليومية يحتاج إلى صبر، ولكنّ أداءها في أوّل أوقاتها يحتاج إلى صبر أكبر, وأداؤها بنوافلها يحتاج إلى صبر أكبر, وإتيان ذلك في المسجد يحتاج إلى صبر أكبر. ثمّ الصبر على العبادة نفسها شيء، والشكر على أداء هذه العبادات وحفظ سريّتها يحتاج إلى صبر آخر، هو أعلى وأرفع من الصبر الأول، وكلّما اتسعت الرقعة المعرفية للإنسان احتاج إلى درجة أكبر وأعظم من الصبر.