ليست القوى الخارقة دائما ما تكون نعمة ..بل انها تكون أحيانا نقمة على صاحبها..!
ومن بين هذه القوى..قوة السحر
وربما يُخيل للبعض الآن أننا نتحدث عن تلك الساحرات اللاتي يمتطين تلك المكانس الهوائية السحرية..ويرتدين تلك القبعات الطويلة ,والعباءات السوداء..
اللاتي يقبعن في أكواخهن الغامضة في أعمق مكان في الغابة ..ليقومن بتلك الوصفات السحرية الخارقة ..!
ربما هذا كله ما كنا نراه في أفلام الأساطير والخيال..
ولكن الامر كان مختلف قليلا عن هذا خلال العصور الوسطى..في أوروبا.
مطاردة الساحرات
هي عملية بحث واضطهاد الأشخاص الذين يشتبه بكونهم يمارسون السحر أو الشعوذة من قبل الكنيسة الكاثوليكية بداية ثم البروتستانتية متحدتين في السلطة المؤقتة.
حدثت الفترة الكلاسيكية لمطاردة الساحرات في أوروبا أوائل العصر الحديث أو حوالي ما بين عام 1450 إلى 1700، مرورا باضطرابات الإصلاح وحرب الثلاثين عاما ما أسفر عن عشرات الآلاف من عمليات الإعدام.
اجتاح أوروبا الغربية جنون حقيقي,في القرن الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر الميلادي.
كان هذا الجنون يحمل إسم مطاردة الساحرات.ولكن الوحوش الحقيقين في هذه المسالة,كان المطاردون أنفسهم.
كتاب مطرقة الساحرات :
الكتاب المقدس لهؤلاء القتلة,كان كتاباً وضعه راهبان متعصبان سنة 1486, تحت عنوان"مطرقة الساحرات".
بالنسبة لمؤلفي الكتاب كل خديعة مشروعة وكل تعذيب ضروري عندما يتعلق الامر بانتزاع الإعترافات.
كانت مقدمة الكتاب تقول :"عدم تصديق وجود السحر هو هرطقة كبيرة"
وغالبا ما انطوت المحاكمات على ذعر أخلاقي وهستيريا جماعية وحتى إعدامات بدون محاكمة، والمحاكمات لم تكن سوى مهزلة، مغطاة بمظهر الاستجواب .
أشهر مطاردي الساحرات في اوروبا..
-كان المحامي والفليسوف الفرنسي جان بودان (1539-1596),أحد أشهر تلاميذ هذا الكتاب.لم يكن له مثيل في ملاحقة قضية تتعلق بالسحر,وكان يأسف أن تهلك الساحرات المحكوم عليهن بالموت في النار بسرعة بنصف ساعة فقط.
لقد عذّب بيديه أولاداً صغاراً وأشخاصاً مرضى لينتزع منهم بعض الإعترافات !
كان محقق مقاطعة اللورين,نقولا ريمي معاصرا لبودان. لقد أعدم خلال تسليمه لمنصبه مدة خمس عشرة سنة ما يقارب ال900شخص.
وعندما توفى ابنه البكر سنة 1582,شك ريمي بالطبع أن ذلك حصل نتيجة لعمل سحري.فإتهم متسولة كان قد طردها قبل ذلك بقليل وحكم عليها بالموت.
إنسحب ريمي من الوظيفة مغموراً بالأمجاد,وألف كتاباً ينوه فيه عن أسفعه الشديد في حياته وهو انه لم يقتل كفاية من الأولاد السحرة.
ولكن أشرس القتلة بين مطاردي الساحرات ,كان شخص يدعى بيتر بنسفيلد في ألمانيا,في أواخر القرن السادس عشر .لاحق بنسفيلد الساحرات دون هوادة,مؤكداً أن التعذيب "الخفيف" ليس بتعذيب.
وتقع على عاتقه مسؤولية موت نحو 6500 شخص ما بين رجل وإمرأة وولد..!
وأباد قاض فرنسي ,هنري بوغيه(1550-1619) أكثر من 600 ساحرة.
كان بإمكانه أن يحكم على إمرأة,بمجرد وجود عيب بسيط في صليب سبحتها معتبراً ان هذا دليل على أنها خادمة الشيطان..!
أما أشهر مطاردي الساحرات الإنجليز,فكان محامياً يدٌعى ماتيو هوبكينز,وقد أهلك مئات الأشخاص ..
كانت طريقته في التعرف على الساحرات تقوم برمي المشبوهات ,موثقات,في بحيرة أو في نهر.
فإذا طفن فوق الماء,فهذه علامة على انهن مذنبات.
كان هذا الإنسان الذي يطلق على نفسه اسم "مكتشف الساحرات الأكبر",يجوب الريف الإنجليزي,برفقة بعض المساعدين,ليبتز السلطات المرعوبة,بحجة تخليصهم من الساحرات.
ومن صور التعذيب الكريهة التي كان يستعملها,إجباره ضحاياه على السير بدون طعام ولا نوم حتى يعترفن بجرائمهن.
ثلاثة قرون من تاريخ اوروبا كانت بمثابة نقطة سوداء في تاريخ الكنيسة والقضاء الاوروبي ..فقد قُتلت أرواح بريئة بدافع من الجهل الذي كان منتشرا في تلك الحقبة الوسطى من تاريخ اوروبا.