موضوع: › بانجيا / قارة عملاقة تعود للأرض الأربعاء أكتوبر 28, 2015 10:13 am
ظهورها يدمر دلائل وجود حياة قبلها
[size=32]"بانجيا" قارة عملاقة تعود للأرض بعد 250 مليون سنة[/size]
"البانجيا" قارة عملاقة كانت موجودة قبل فترة تتراوح بين 300-200 مليون سنة قبل أن تنفصل القارات. ويتوقع العلماء وخبراء المستقبليات أن تعود هذه القارة الى الأرض خلال ال 250 مليون سنة المقبلة،
حيث يحتمل أن يكون الفساد والخراب أصاب حياة الإنسان لكن الأرض تبقى موطناً
ومستقراً لمجموعة من أنماط الحياة البرية والوحشية.
وبعيداً عن بعض المتحجرات والمستحاثات الصلبة لن يكون في ذلك الوقت أي أثر يدل على أنه كانت
هناك حياة بشرية على الأرض..
وإذ ما قدّر لنا أن نقوم بزيارة للأرض في المستقبل البعيد بعد أكثر من مائتي مليون عام
فلن يكون على الأرجح باستطاعتنا التعرف إليها، حيث تصادمت القارات مع بعضها بعضاً وتحطمت لتتشكل قارة عملاقة بشكل خيالي يحيط بها محيط عالمي شاسع. ومعظم أراضي هذه القارة أقرب الى الصحراء بينما تتعرض السواحل والشواطئ لعواصف وحشية وأعاصير في منتهى القسوة والعنف وسطح المحيطات مضطرب وهائج
لكن عمقها ساكن ومستقر يفتقر الى الأوكسجين وأي شكل من أشكال المواد الغذائية. وكادت الحياة البشرية أن تنقرض تماماً ونهائياً نتيجة الأمراض المعدية والفتاكة، والحروب، وتحطم الكواكب وتفتت النجوم وانفجاراتها، بينما انقرضت أنواع كثيرة من الكائنات الحية من النباتات والحيوانات بسبب هذه الأمور التي أدت في الوقت ذاته الى احتدام حالة شديدة من التنافس والتنازع.
ويقول الجيولوجيون إن القارة العملاقة ليست أول شيء على سطح الكرة الأرضية ولن تكون الأخيرة وإنهم يعتقدون بأن القارة تتحرك على شكل دورات وأنها تلتقي وتتجمع معاً كل فترة تتراوح بين 500-700 سنة، وعلى مدى فترة زمنية تمثل ثلاثة أضعاف للمدة التي يستغرقها نظام المجموعة الشمسية لاتخاذ مدار له وسط المجرة (جالاكسي).
وتواصل هذه القارات تحركاتها بفعل الحركة الدائرية للحجاب الواقع تحت سبع طبقات أو صفائح تكتونية في باطن الأرض وحينما تلتقي هذه الطبقات واحدة تحت الأخرى تسمى هذه العملية الانضباط والتواتر الطبقي في الأعماق والذي يؤدي الى سحب أو تحريك جزء من القشرة الأرضية الى الجانب الآخر من الصفيحة أو الطبقة،
بحيث تسمح للصخور الذائبة والمنصهرة من شدة الحرارة بالتدفق الى أعلى نحو السطح لتملأ الفجوات. وهذه العملية تعني أن القشرة الأرضية في قاع المحيطات وتكونت وتحطمت وتغيرت كثيراً وعلى نحو مستمر ولكن لأن نسبة الصخور المتقاربة والمتلاصقة بكثافة في تكوين القارات أقل من قشرة الأرض في أعماق وقاع المحيطات فإن تلك الصخور تكوّن جزءاً كبيراً ورئيسياً من الحجاب أسفل الطبقات التكتونية.
ونتيجة لهذا فإن القارات تحتفظ بأشكالها لمئات الملايين من السنين ما دامت مستمرة في انزلاقها وتحركها البطيء والتدريجي حول كوكب الأرض، ورغم ذلك فإن هذه القارات تلتقي وتصطدم ببعضها بعضاً بين حقبة وأخرى لتشكل قارة عملاقة للغاية.
وأحدث هذه القارات هي قارة "بانجيا" التي تكونت قبل نحو 300 مليون عام ثم بدأت تتحطم وتتفتت قبل نحو 100 مليون سنة حينما بدأت الديناصورات بالظهور والتطور.
وقبل 1،1 مليار سنة ظهرت قارة أخرى سميت "رودينيا" والتي بدأت تتحطم
وتتفتت بعد ذلك بنحو (250) مليون عام، وقبل ذلك كانت هناك قارات أخرى، ولكن ظهور وتكوّن أي من هذه القارات الضخمة كان يدمر الدليل على وجود القارة السابقة مما يجعل من الصعوبة بمكان على أي عالم أو باحث أن يؤكد عدد تلك القارات، ولكن ما هو متعارف ومتفق عليه بشكل عام هو وجود قارتي "بانجيا" و"رودينيا" رغم تواتر المعلومات عن وجود قارات أخرى مثل "بانوشيا" و"كولمبيا" و"كينورلاند" إضافة الى "يور آر".
وفي الوقت الحالي يضيق المحيط الهادي بشكل تدريجي بطيء لأن القشرة الأرضية في قاعه وخاصة في المناطق الشمالية تغوص وتغرق في مناطق الانضباط والتواتر الطبقي في العمق لتظهر محلها أرضية جديدة للمحيط عبارة عن تلال ممتدة ومتطاولة وهي مزيج من الصخور والمواد الرسوبية، في حين تزداد أمريكا الجنوبية والشمالية ابتعاداً عن أوروبا وإفريقيا.
وتتحرك إفريقيا شمالاً نحو الساحل الجنوبي لأوروبا بينما تزحف أستراليا شمالاً نحو جنوب شرق آسيا، وتتحرك القارات الحالية بمعدل 15 ميلليمتراً كل عام لتشبه بذلك معدل سرعة نمو أظفار اليد، ولا يمكن أن نتصور رؤيتنا لشكل الأرض مستقبلاً بمعزل عن حركة القارات، وفي هذا المعنى يقول كريستوفر سكوتيس من جامعة تكساس في آرلنغتون:
"إن الأمر يشبه الى حد كبير قيادتك سيارتك على طريق سريع بحيث يمكنك أن تتوقع بقدر كبير من الدقة موعد وصولك خلال فترة زمنية محددة، ولكن هناك دائماً حوادث سير على الطرقات ترغم الناس على تغيير مساراتهم أو اللجوء الى التحولات والمفترقات ولا بد لك من الاختيار". وإذا استمر المحيط الأطلسي في الاتساع فإن قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية سوف تصطدمان بقارة آسيا، بينما قد يؤدي تكوّن طبقة جديدة بديلة من الانضباط والتواتر الطبقي الى تحرك أرضية المحيط الأطلسي لتلتقي أمريكا الشمالية بأوروبا كما حدث قبل ملايين السنين، وهذا يعني المساهمة بشكل أساسي في عودة "بانجيا".
[size=32]أنتاركتيكا ستبقى في مكانها
عام 1992 أجرى الباحث والخبير الجيولوجي "كريس هارتنادي" من جامعة "كيب تاون" في جنوب إفريقيا دراسات حول تحديات ما قبل تكون القارة العملاقة المقبلة وقال إنه مع استمرار الأطلسي في الاتساع فإن الأمريكتين قد تلتقيان من خلال حركة باتجاه عقارب الساعة مع أطراف سيبيريا في بداية لتشكيل القارة الضخمة المقبلة،
ويسمى الخبير الجيولوجي في جامعة هارفارد "بول هوفمان" التشكيل الجديد المكون من قارتي أمريكا وسيبيريا "أماسيا". ويقول إن أستراليا ستواصل تحركها شمالاً بينما تبقى إفريقيا في مكانها وموقعها الحالي، وإن قارة انتاركتيكا لن تكون جزءاً من القارة العملاقة الجديدة وستبقى مكانها الحالي في القطب المتجمد الجنوبي لأنها ليست مرتبطة بأي منطقة من مناطق الانضباط والتواتر الطبقي في العمق وبالتالي فليس هناك من سبب أو مبرر لتحركها كما يقول هوفمان.
وفي أواخر التسعينات توصل "روي ليفرمور" من جامعة كامبردج الى نتائج وأفكار قريبة الى حد كبير مما قاله غيره عن عودة القارة العملاقة. وقال إنه توصل الى مفهوم تشكيل وظهور قارة عملاقة جديدة وبدلاً من تسميتها "أماسيا" فقد أسماها "نوفو بانجيا"،
وأن هناك شقاً أو صدعاً بين المحيطين الهندي والأطلسي وأن هناك صدعاً نشيطاً في شرق إفريقيا قد يؤدي مستقبلاً الى ظهور محيط جديد صغير، وأن شرق إفريقيا وجزيرة مدغشقر يتحركان في المحيط الهندي للاتصال مستقبلاً بقارة آسيا، وأن قارة أستراليا أصبحت من الناحية العملية جزءاً من جنوب شرق آسيا. ويضيف: "جنوب آسيا والمعروف الآن بالهند عبارة عن سلسلة جبلية ظهرت من عرض البحر نتيجة بروز وصعود منطقة انضباط
وتواتر طبقي وأن قارة انتاركتيكا المتجمدة تلي أطراف تلك المنطقة". واستناداً الى تصور "ليفرمور" للمستقبل فإن كل القارات ستسهم في تشكيل القارة الجديدة لكن أنتاركتيكا لن تتحرك من مكانها قرب القطب الجنوبي لأن تحركها مرتبط بتكوّن منطقة تواتر وانضباط طبقي. وقد يكون ما ذهب إليه "ليفرمور" صحيحاً لكن باحثين آخرين يختلفون حول الكيفية التي سيبدو عليها كوكبنا في المستقبل، ويقول سكوتيس إن رؤيته لمستقبل الأرض تختلف عن رؤية هوفمان وليفرمور،
لكن سكوتيس يشاركهما الاعتقاد بأنه على مدى ال 50 مليون عام المقبلة ستواصل قارة إفريقيا تحركها شمالاً مقتربة من البحر الأبيض المتوسط حتى تتصل بالساحل الجنوبي لأوروبا لتتكون بذلك سلسلة جبال شاهقة وعملاقة تشبه جبال الهيمالايا بينما تواصل أستراليا تحركها شمالاً حتى تتصل بجنوب الصين وجزيرة بورنيو. وبعد ذلك بمائتي مليون عام سوف يتغير كل شيء، حيث ستبدأ منطقة التواتر الطبقي بالتحرك والارتفاع في قاع غرب الأطلسي ويتوقف ذلك المحيط عن الاتساع وتبدأ قارة انتاركتيكا بالانحسار والانكماش وتحدث عمليات اتصال وترابط بين مناطق شاسعة من أمريكا الشمالية وأوروبا وإفريقيا في ما يشبه قارة واحدة عملاقة سماها سكوتيس "بانجيا ألتيما" ثم عدل تسميتها لتصبح "بانجيا بروكسيما" وتعني بانجيا التالية وقال "ستستمر هذه العملية نحو ملياري عام قادمة وأنه في ظل ظروف عادية قادمة قد تبدأ القشرة الأرضية في قاع المحيط الأطلسي بالتمزق في إشارة البداية لانتهاء منطقة تلال قاع وسط الأطلسي "ميد اتلانتيك ريدج".
ويقول "بول فالديز" خبير شؤون المناخ في جامعة بريستول البريطانية إنه يصعب حتى اللحظة تحديد التصور الصحيح من التصورات المختلفة المطروحة بشأن مستقبل الأرض وحركة القارات ولكن ما يتفق عليه الجميع أن الحياة على القارة الجديدة التي ستظهر مستقبلاً ستكون في غاية القسوة والتطرف ويمكننا الاستدلال جيولوجياً على ذلك، حيث سيكون مناخ "بانجيا" متميزاً بالحرارة الكامنة في قشرتها وطبقاتها
كما هي الحال في الفحم الحجري وستجف البحيرات بسبب الحرارة. كما يمكن تصميم تصور عن مناخ القارة الجديدة عن طريق المحاكاة على الكمبيوتر استناداً إلى معلومات وبيانات تستند الى قراءة المستقبل. ويضيف فالديز أن قارة "بانجيا" قد تكون حارة لا تقل درجة الحرارة فيها عن (44) درجة مئوية وشتاؤها بارداً وقارساً للغاية تنخفض فيه درجة الحرارة الى 20 أو 30 درجة مئوية تحت الصفر مع تساقط كثيف للثلوج لتذوب من شدة الحرارة صيفاً مسببة فيضانات خيالية ومدمرة ورغم كل هذا فإن مناطق داخلية شاسعة منها ستبقى جافة لأن مياه الفيضانات والأمطار ستقصّر في الوصول إليها. وفي ظل هذه النماذج والأنماط القاسية والمتطرفة من المناخ فإن مساحات محدودة وليست كبيرة من الأراضي في تلك القارة قابلة لاستمرار الحياة، وغالباً ما تكون خارج النطاق الاستوائي على الساحل الشمالي لبحر تيثايس في بانجيا على حد قول فالديز.
كما يذهب بعض العلماء والباحثين الى القول إن مناخ القارة الجديدة "بانجيا" أو مهما كان اسمها قد يكون أكثر سوءاً مما ذكر، حيث يكون جوهاً مشبعاً بغاز ثاني أكسيد الكربون الضار الذي يسهم في ارتفاع حرارة الأرض وزيادة حرارة سطح مياه البحار والمحيطات مما قد يسبب أعاصير عملاقة في حجمها وذات قوة تدميرية هائلة،
وقد يسميها البعض "هايبر كينز" وتزيد أحجامها وقوتها على حجم وقوة الأعاصير الحالية، وقد تصل سرعة الواحد منها الى 400 كلم في الساعة. وستخلو المحيطات حول تلك القارة وفي الأرض عموماً في المستقبل البعيد بعد ظهورها من الأوكسجين والمواد الغذائية،
كما أن ظهور مساحات كبيرة من البحار الضحلة المياه قد يؤدي الى انقراض مجموعة كبيرة من الأنواع والكائنات الحية وإلى اشتداد المنافسة واحتدامها بين الكائنات المتبقية بحثاً عن الغذاء وغيره من مقومات الحياة سواء في البحار والمحيطات أو على اليابسة. وحينما تشكلت قارة بانجيا وذاب الجليد من المناطق القطبية الجنوبية قبل 290 مليون سنة ظهر على الأرجح أول أنظمة الطبيعة والبيئة وأكثرها غرابة على الأرض،
وكان يتميز على سبيل المثال بالغابات الواسعة الكثيفة التي انحسرت كثيراً وكانت الأشجا ر ترتفع الى 25 متراً، وأكثر مثل أشجار "جلوسوبيتريز" التي انقرضت.
ومهما كان من أمر فإنه لا بد للحياة من التكيف مع أنماط الحياة في القارة الجديدة القادمة مهما كانت قسوتها ولكن لن يكون هناك وجود للبشر على الأغلب حتى يشهدوا تلك الحياة ويعيشوها، وستبقى الحياة مستمرة على الأرض بالبشر أو من دونهم. [/size]