عبقريات كثيرة ظهرت في البشرية ، اُلهمت من لدن حكيم خبير ، إلى أناس قدّر مقدر الأقدار أنهم سينفعون البشرية بعمل أو علم ! .
هؤلاء العباقرة يُرى أنهم مع البشر كجزء منهم كأنهم معهم ككيان إنساني ! ، ولكن الحقيقة أنهم معهم جسداً أرضياً فقط ! ، في حين يُعتقد أن باقي كيانهم ليس في هذا العالم ، حقيقة لامجازاً !! .
الشخص العادي يرى فيما قلت نوعاً من المبالغة أو شيئاً من التضخيم المعنوي ! ، ولكن الحقيقة أن الشخص العادي التفكير المتأثر بالعادات والتقاليد جداً ؛ طاقته الفكرية محدودة ؛ تحددها معطيات المجتمع وأنماط التقاليد التي عفا عليها الزمن ، إذ هي مجموعة من القوانين " الإجتماعية " وليست " الدينية " ، وللعلم والدين سلطة فكرية وروحية أقوى منها ! ، لذلك فإن العادات والتقاليد النمطية لاتؤثر فكرياً وروحياً على الشخص العبقري مثلما تسيطر على الشخص العادي في فكرته ونظرته للأمور ! .
ليس نقداً جارحاً أن يكشف الغطاء عن الجانب المظلم لتأثير العادات والتقاليد الإجتماعية في فكر البشر ، إذ هي كثيراً ما تجمّد الفكر ، وتجعل المتعلق بـــــــــها ينسى شيئاً إسمه " الإبداع والتجديد " ! ، لذلك كان من عدل خالق البشر وسمو حكمته أن جعل في البشر هذا النوع منهم الذين يقال لهم : " العباقرة " ! .
الكلام على العبقرية كتاب بأكمله ؛ لما فيها من عموم وخصوص وتشعّب وعلاقات معنوية معقدة وشبه معقدة مع أمور شتى عقلية وروحية ونفسية ! ، ولا يمكن أن أدعي أبداً أن هذا المقال المختصر سيحيط بشتى نواحيها !!! ، ولكن يمكنني فقط أن أقول هنا أن العبقرية والعبقري هما شيء واحد وروح واحدة تجسّد أموراً عجيبة فوق طاقة الفكر العادي بواسطة مواهب خلاقة خُلقت لأجل ذلك ، ولابدّ لها من ذلك ! .
العباقرة الذين نسمع عنهم أو نقرأ سيرهم وكذلك الذين لانعلمهم يصعب عليهم أن يخبروك بماذا يشعرون عندما تسيطر عليهم عبقريتهم وتدفعهم بدون إختيار منهم إلى إخراج شيء جديد أو غريب في دنيا البشر ! ، شيء لامفهوم خامر تفكيرهم وأحاسيسهم ودفعهم بدون شعور – غالباً – إلى فعل شيء لم يتوقعوه هم أنفسهم ! ، يال هذه اليد الخفية الحكيمة التي تؤثر على العباقرة في فعل لهم أو قول !! .
وفي نظرة فاحصة على الشخص العبقري تدرك بالفطرة أنه لم يُخلق لأمـــــور عادية ! ، هنالك قدر في حياته لابد له من إنفاذه – بعلمه أو بدون علمه – في دنيا العلم المتسعة الأرجاء جداً ! ، لابد له أن يضع لمساته في هذه الدنيا العجيبة التي لايبنيها إلا العلماء والعباقرة ! .
كم يرحب العلم بالشخص الذي من هذا النوع ، وكم هوَ ميسرٌ لِمَا خـُلِقَ له في حياته ، وكم هي الأمور التي تجري على يديه تأكيداً لِمَا قـُدّر وكـُتب منذ أزل الخلق ! .
هنالك أمور تحدث في حياة الناس لها رجالها الذين يفهمونها ويتعاملون معها حسب درجة غرابتها ، ولهم " قدرة مّا " أودعها الله فيهم في التصرّف بها كما شاءت المشيئة ! .
ليس كل شيء في العالم هو عادي ! ، فلو كان عالم البشر كله عادياً نمطياً لما وُجـِدت الأيات الخـَلقِية والقصص العجيبة ؛ ولما ورد في قواميس اللغة مفردة " عجيب " ومشتقاتها ومترادفاتها ! ؛ ولما عرف الإنسان شيئاً من معنى القدرة الربانية ! .
والعبقري لايفهمه تماماً إلا عبقــــرياً مثله أو دونه قليلاً أو فوقه ، ذكر أو أنثى ، ولك أن تتعجب إذا عرفت أن العبقري لايــــكتشف نفسه حقيقة إلا بعد أن يعبر نصف الطريق ! ، ففي بدايات أمره لايعرف نفسه ، تجده تلقائياً أو عفوياً ، لايدري عن الكنز الذي في داخله ! ، لايدري ذلك إلا بعد أن يرى الغير ينبهرون منه ويتعجبون من شخصه وينشرون أعماله وإنجازاته على الملأ !! .
العبقرية والعلم كالضوء وظله ، ولابد أن يقترنا بالرفعة ، والكل منهم فيه عامل الموهبة التي لايستطيع بشر منعها عمن شاء تعالى أن يفعل بواسطتها أمراً ! .
وأخيراً فإني لم أقل هذا الكلام إلا مما رأيته وجربته واُلهمته عن عالم العباقرة العجيب ! ، وأنا موقن أن هنالك الغير عادي بعد العادي ، وسبحان الذي قدر فهدى .