* متحف الصابون فيصيدا
ثالثا" : السياحة الدينية
يقع لبنان على مفترق طرق بالنسبة لكل من أوروباوآسياوأفريقيا، وبالتالي فهو يقع في وسط العالمين الإسلامي العربي والمسيحي الأوروبي ويجمع بالتالي الثقافتين الدينيتين ويصهرهما في بوتقة ثقافية واحدة. ويظهر هذا الأمر بشكل جليّ في المعالم الإسلامية والمسيحية القديمة والتي لا تزال قائمة حتى اليوم، بالإضافة للعادات والتقاليد المشتركة بين تابعي الديانتين، والتي ما زالت بارزة حتى اليوم، وإن كانت حدتها تقل أو تزيد بحسب درجة الانفتاح على الغرب والاختلاط مع أتباع الديانة الأخرى. كان لبنان ملجأ للعديد من الطوائف الدينية المضطهدة عبر العصور، مما أضاف عليه إرثا دينيّا متزايدا ومتراكما خلال قرون عديدة تجلّى بعدد من المقامات والمزارات المسيحية والإسلامية.
تقع أبرز المعالم الإسلامية في لبنان، المتمثلة بعدد من المساجد، المكتباتوالمدارس، والحمامات العامّة، ببلدة عنجر، التي أسسها الأمويون في القرن الثامن، ومدن بيروت، طرابلس، وصيدا. أما المعالم المسيحية فتقع أكثرها في جبيل، جونية، بيروت، بكركي، وعدد من المناطق في جبل لبنانوالجنوب. كذلك هناك معالم دينية خاصة بالطائفة الدرزية دون سواها، تقع أغلبيتها في الشوف.
رابعا" : مواقع التراث العالمي
4-1: عنجر
وُضعت بلدة عنجر على لائحة مواقع التراث العالمية عام 1984. شُيّدت هذه المدينة منذ 1,300 سنة، وبهذا فهي تُعد من أحدث المواقع الأثرية في لبنان، وقد بُنيت في الأساس لتكون مركزا تجاريّا على طرق التجارة الشاميّة، بأمر من الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، واسمها مشتق من "عين جرّه"، أي أصل أو منشأ جرّه، والأخير كان حصنا أمويّا مبنيّا في نفس المنطقة. تصطف المساجد، القصور، الحمامات العامة، المخازن، والمنازل، على طول جادات المدينة الواسعة. تغطي آثار وخرائب المدينة مساحة 114,000 متر مربع، ويحيط بها جدران حجرية ضخمة تبلغ سماكتها المترين وتعلوا سبعة أمتار عن الأرض. يستند تصميم المدينة المستطيلة الشكل إلى مخططات مدنية وهندسة رومانية، أما التصاميم الحجرية فمأخوذة عن البيزنطيين. تُقسم المدينة إلى أربعة أقسام عن طريق جادتين كبيرتين: الأولى يبلغ عرضها 20 مترا وتتجه من الشمال إلى الجنوب، والثانية من الشرق إلى الغرب. يقع مركز المدينة عند تقاطع الجادتين، وهناك 4 بوابات ضخمة رباعية القواعد على كل زاوية من زوايا التقاطع الأربعة.
4-2: بعلبك
كانت بعلبك خلال العهد الفينيقي مجرد بلدة صغيرة عُبد فيها ثالوث آلهة الخصوبة عند الشعوب الكنعانية، وهي بعل آمون، آنات، وحدد. بقي اليوم القليل جدا من الآثار الفينيقية في المدينة، التي قام الإغريق بتسميتها "مدينة الشمس" (باللاتينية: Heliopolis) خلال عهد الحكم الهليني، وأعاد الرومان بنائها وتصميمها لتأخذ طابعا رومانيّا بحتا. بعد أن وصل الرومان فينيقيا عام 64 ق.م. حتى قاموا بتحويل البلدة إلى مدينة كبيرة يُعبد فيها ثالوث آلهتهم الخاصة، أي جوبيتر، فينوس، ومركوريوس، وبنوا فيها المعابد الهائلة في غضون قرنين من الزمن. يُمكن لزوّار بعلبك اليوم أن يدخلوا قلعتها عبر رواق أمامي فسيح، ثم يعبرون فنائين معمدين ليصلوا إلى مجمّع المعابد العظمى التي تشمل:
معبد جوبيتر: هذا المعبد هو أكبر المعابد الرومانية التي شُيّدت على الإطلاق، ولم يتبقى اليوم من أعمدته الكورنثية التي كانت تحمله سوى 6 أعمدة من أصل 54 عمودا. يصل ارتفاع كل عمود إلى 22 مترا (66 قدما) ويبلغ قطره المترين (7.5 أقدام)، مما يدل على مدى ضخامة المعبد عندما كان لا يزال قائما خلال عهد الإمبراطورية الرومانية.
معبد باخوس: هو أكثر المعابد الرومانية حفظا في الشرق الأوسط، ومع أنه أصغر حجما من معبد جوبيتر، إلا أنه لا يزال أضخم حجما من البارثينون في أثينا. لا يزال الهدف من وراء بناء هذا المعبد وصلته بباقي معابد المجمّع لغزا غامضا.
معبد فينوس: هذا المعبد أصغر حجما من المعبدين السابقين، وهو مقبب ويقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المجمّع. تحوّل إلى كنيسة في العهد البيزنطي مخصصة لإجلال القديسة بربارة.
معبد مركوريوس: لم يتبق منه سوى بيت السلم، والذي يُمكن رؤيته من "تلّة الشيخ عبد الله"، على بعد مسافة قصيرة من الموقع الرئيسي للمعبد.
وُضعت بعلبك من ضمن قائمة مواقع التراث العالمي عام 1984
4-3: جبيل
ضُمّت جبيل إلى لائحة مواقع التراث العالمي عام 1984، وهي مدينة مأهولة منذ العصر الحجري الحديث، وقد شهدت تعاقب العديد من الشعوب والحضارات، من الفينيقيين والصليبيين وصولا إلى الأتراك العثمانيين. تعتبر جبيل مرفأ ومدينة متوسطية تاريخية، يعود تأسيسها لآلاف السنين، وغالبا ما يتم ربطها بالأبجدية الفينيقية، حيث أنه من المعروف أن الفينيقيين نشروا أبجديتهم في أوروبا وحوض البحر المتوسط بدأ من هذه المدينة.
من المعالم السياحية في جبيل:
-المعابد الفينيقية: وهي تشمل المعبد الأكبر الذي يتخذ شكل الحرف "L"، معبد بعلة جُبلا أو بعلة جبيل، ومعبد المسلات.
-قلعة جبيل: وهي قلعة بناها الصليبيون بالقرب من مرفأ المدينة في القرن الثاني عشر.
-مسجد جبيل: أحد أقدم المساجد في لبنان.
-سور المدينة: بقايا السور الذي كان يحيط بالمدينة في القرون الوسطى.
-متحف الشمع: يضم متحف جبيل الشمعي تماثيل لعدد من الشخصيات والأعلام اللبنانيين مثل جبران خليل جبران، حسن كامل الصباح، قدموس، بشير الثاني الشهابي، أحيرام، فخر الدين المعني الثاني، محمد وأحمد المحمصاني، بشارة الخوري، وكثير غيرهم.
-كنيسة القديس يوحنا المعمدان: كنيسة بناها الصليبيون عام 1150.
-متحف جبيل للأحافير: متحف يضم مستحثاتالأسماك والحشرات التي عُثر عليها في جبل لبنان، والتي تعود لملايين السنين، في الفترة التي كانت جبال لبنان لا تزال تقع تحت البحر.
-الحارة القديمة والسوق: الحارة القديمة التي تُظهر كيف كان شكل الأحياء في جبيل خلال العهد العثماني، السوق الذي يُصنع فيه عدد من الحرفيّات ويُعرض فيه بعض البضائع والإنتاجات الفنية مثل اللوحات. يقعان بالقرب من المدخل إلى موقع المعابد الفينيقية.
4-4: وادي قاديشا وغابة أرز الرب
وُضعت هاتين المنطقتين على لائحة مواقع التراث العالمي عام 1998. يُعتبر كل من وادي قاديشا وغابة أرز الرب ذو أهمية دينية وتاريخية كبرى، فالوادي كان موقعا استوطنه الرهبان المسيحيون الأوائل هربا من بطش الرومانالوثنيين، فبنوا الأديرة على جانبيه فكانت حصينة بوجه كل من حاول الوصول إلى هناك، إذ أن الوادي يقع في أرض وعرة جدا في الجزء الشمالي من سلسلة جباللبنان الغربية. تقع غابة أرز الرب بالقرب من الوادي، وقد أصبحت اليوم محمية طبيعية مخصصة لإنقاذ ما تبقى من الأرز اللبناني، وتتجلى أهميتها التاريخية في أنها الغابة الأساسية التي قطع الفينيقيون أخشابها ليبنوا سفنهم ومعابدهم وليتاجروا بها مع المصريين والآشوريين.
أما الأديرة في وادي قاديشا فهي:
-دير قنوبين: وهو أقدم الأديرة المارونية في الوادي.
-دير مار أنطونيوس قزحيا: تأسس في القرن الرابع على يد القديس هيلاريون.
-دير سيدة حوقا: تأسس في أواخر القرن الثالث عشر على يد قرويون من قرية حوقا.
-دير القديسين سركيس وباخوس – رأس النهر: بني على درجات تباعا في القرن الثامن، 1198، و1690.
-دير مار أليشع: يأوي رهبانية مارونية ورهبانية كرمليّة.
-من الأديرة الأخرى في الوادي: دير مار جرجس ودير مار يوحنا ودير مار أبون ومنسك مار سركيس ودير مار مورا، إهدن.
4-5: صور
وُضعت مدينة صور على لائحة مواقع التراث العالمي عام 1984. كانت هذه المدينة إحدى أهم المدن الفينيقية إن لم تكن أهمها، حيث أنشأ أبناؤها مستعمرات فاقت المدينة الأم شهرة ومجدا في حوض البحر المتوسط، من شاكلة قرطاج وقادس، وهي منشأ الصباغ الأرجواني المعروف باسم "أرجوان صور". مرّت العديد من الحضارات على المدينة واستقر فيها الكثير من الشعوب، من الفينيقين، الإغريقالرومان، إلى الصليبيين والعثمانيين الأتراك. بقي اليوم عدد من الآثار البارزة في المدينة، والتي تعود بأغلبها إلى العهد الروماني.
من المواقع الأثرية المهمة في المدينة:
-موقع الباس: وفيه قوس نصر فسيح، مدافن واسعة، ومدرّج كبير كان يُخصص لسباق الأحصنة والعربات. تعود كل هذه الآثار إلى الفترة الممتدة بين القرنين الثاني والسادس.
-موقع المدينة: يقع في صور البحرية، أي الجزء الحالي من المدينة الذي كان مبنيّا على جزيرة، قبل أن يوصلها الإسكندر الأكبر بالمدينة البريّة. وهو يحوي عدد من صفوف الأعمدة، الحمامات العامّة، اللوحات الفسيفسائية، الشوارع، مجموعة كبيرة من المنازل، وساحة مستطيلة الشكل.