بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أقول وبالله التوفيق
بأن هناك طائفة من البشر ينكرون عذاب القبر ,ولكن هؤلاء ما هم إلا أهل فتنة , يريدون أن يشككوا المسلمين في عقيدتهم ,ونحن بدورنا نرد على هؤلاء بالأدلة الثابتة شرعا
أولا : الأدلة على أن عذاب القبر واقع
1- من القرآن
1ـ قوله تعالى ( وحاق بآل فرعون سوء العذاب ، النار يعرضون عليها غدواً و عشياٌّ ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشدَّ العذاب ). [غافر: 45]. والآية صريحة في إثبات عذاب القبر قبل قيام الساعة .
2ـ وقوله تعالى ( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق ) .[ الأنعام :93]. وهذا خطاب لهم عند الموت ، وإخبار لهم أنهم سيذوقون في يومهم عذاب الهون ، ولو تأخر هذا العذاب إلى قيام الساعة لما صح أن يقال لهم ( اليوم تجزون) فنزل على إثبات عذاب القبر .
3 ـ وقوله تعالى ( وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون) [الطور: 47] وهي ظاهرة في أن العذاب الأول هو عذاب القبر ، ولا يصح حمله على العذاب أثناء الحياة لأن كثيراً من الظالمين لم يلحقهُم عذابٌ في حياتهم .
4ـ وقوله تعالى : (سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم). [التوبة: 101] فالعذاب الأول المذكور في الآية الكريمة هو العذاب في الدنيا ، والعذاب الثاني هو عذاب القبر ، ثم قال تعالى ثم يردون إلى عذاب عظيم ، وهذا يوم القيامة ، وهذه الآية كما نص العلماء صريحة في تقرير عذاب القبر
2- ومن السنة
روى ابن حبان، والحاكم عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ إِنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا؛ كَانَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ, وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَمِينِهِ, وَكَانَتِ الزَّكَاةُ عَنْ شِمَالِهِ, وَكَانَ فعل الخيرات ـ من الصدقة, والصلة, والمعروف, والإحسان إِلَى النَّاسِ ـ عِنْدَ رِجْلَيْهِ, فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ, ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ فَيَقُولُ الصِّيَامُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ, ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ فَتَقُولُ الزَّكَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ, ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَتَقُولُ فَعَلُ الْخَيْرَاتِ ـ مِنَ الصَّدَقَةِ, وَالصِّلَةِ, وَالْمَعْرُوفِ, وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ ـ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ, فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ. فَيَجْلِسُ, وَقَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ, وَقَدْ أُدْنِيَتْ لِلْغُرُوبِ, فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَكَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ مَا تَقُولُ فِيهِ, وَمَاذَا تَشَهَّدُ بِهِ عَلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ. فَيَقُولُونَ: إِنَّكَ سَتَفْعَلُ أَخْبرنا عَمَّا نَسْأَلُكُ عَنْهُ، أَرَأَيْتَكَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ مَا تَقُولُ فِيهِ, وَمَاذَا تَشَهَّدُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ, وَأَنَّهُ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ, وَعَلَى ذَلِكَ مُتَّ, وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ, ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا, وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا, فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا, ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا, وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا لَوْ عَصَيْتَهُ, فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا, ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا, وينوَّر لَهُ فِيهِ, وَيُعَادُ الْجَسَدُ لِمَا بَدَأَ مِنْهُ, فَتَجْعَلُ نَسْمَتُهُ فِي النَّسَمِ الطِّيِّبِ, وَهِيَ: طَيْرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ قَالَ: (فَذَلِكَ قَوْلُهُ ـ تَعَالَى ـ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]) إِلَى آخر الآية [إبراهيم: 27] قَالَ: وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا أُتي مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ, ثُمَّ أُتي عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ, ثُمَّ أُتي عَنْ شِمَالِهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ, ثُمَّ أُتي مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ, فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ. فَيَجْلِسُ خَائِفًا مَرْعُوبًا فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَكَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ مَاذَا تَقُولُ فِيهِ, وَمَاذَا تَشَهَّدُ بِهِ عَلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: أَيُّ رَجُلٍ؟ فَيُقَالُ: الَّذِي كَانَ فِيكُمْ. فَلَا يَهْتَدِي لِاسْمِهِ حَتَّى يُقَالَ لَهُ: مُحَمَّدٌ فَيَقُولُ: مَا أَدْرِي؟ سَمِعْتُ النَّاسَ قَالُوا قَوْلًا فَقُلْتُ كَمَا قَالَ النَّاسُ. فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ, وَعَلَى ذَلِكَ مُتَّ, وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ, ثُمَّ يُفتح لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ مِنَ النَّارِ وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا, فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُورًا, ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: ذَلِكَ مَقْعَدُكَ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهِ لَوْ أَطَعْتَهُ, فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُورًا, ثُمَّ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ, فَتِلْكَ الْمَعِيشَةُ الضَّنْكَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى) [طه: 123ـ 124])". حسنه الألباني.
ـ وما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ).
وفي صحيح مسلم نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه ).
ـ وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع : من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ". إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة . وليعلم أن هذه الأحاديث بلغت حد التواتر وأن منكر ما دلت عليه من إثبات عذاب القبر ونعيمه على خطر عظيم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً ، وسؤال الملكين ، فيجب اعتقاد ذلك والإيمان به ، ولا نتكلم عن كيفيته ، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته ، لكونه لا عهد له به في هذه الدار ، والشرع لا يأتي بما تحيله العقول ولكن قد يأتي بما تحار فيه العقول …"
قال الشيخ عبد الرحمن بن جبرين في بحثه المنشور في مجلة البحوث الإسلامية التي تصدرها الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء الجزء رقم: 17ـ الصفحة رقم: 126ـ في صدد الحديث عن نواقض الشهادتين: إنكار شيء من الأمور الغيبية التي أمر الله بالإيمان بها, وأخبر بثبوتها وأحقيتها في كتابه, وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، كالملائكة, والكتب, والرسائل, والبعث بعد الموت, وحشر الأجساد, والجنة والنار، وكذا عذاب القبر ونعيمه, ونحو ذلك، فإن من جحد منها شيئًا فقد كذب الله, وكذب رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك أكبر الطعن في الرسالة, وما اشتملت عليه، فهو يخالف ما تستلزمه الشهادتان.
هل العذاب يكون للروح والجسد معا؟؟
الثابت أن العذاب يكون للروح والجسد معافقد ثبت في الحديث أن الروح تعاد إليه, كما في حديث البراء الذي رواه أحمد وغيره, وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت. الحديث، وهذا الحديث صححه الأرناؤوط, والألباني.
وفي حديث البراء بن عازب الطويل الذي رواه أحمد وأبو داود وابن خزيمة والحاكم وغيرهم بسند صحيح وأوله: "إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه " وفيه: " يحملونها (الروح) في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط… ويصعدون بها... فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوا عبدي إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه، فيأتيه ملكان فيجلسانه…… وفيه: " فيفسح له في قبره مد بصره " . وفيه عند الحديث عن العبد الكافر وأن الملائكة تصعد بروحه فلا تفتح له أبواب السماء " فيقول الله: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحاً، فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه ……" وفيه: " ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه" ، وهذا صريح في أن الروح مع الجسد يلحقها النعيم أو العذاب
هذا والله أعلم